رأي حر

المرأة وبناء السلام

#المرأة_وبناء_السلام.

 

السلام في سوريا لم يكن يومًا رفاهية أو قرارًا سياسيًا باردًا، بل حاجة إنسانية صاخبة تنبض في كل بيت خسر ابنًا، وفي كل أم سهرت على الألم.

 

ومن بين كل هذه الجراح، خرجت المرأة السورية لا كضحية، بل كقوة فاعلة تصنع السلام من قلب الفوضى، هي التي أمسكت بخيوط الحياة المتناثرة بعد التحرير، جمعتها بحنان، وبدأت ترمم بها وجوه الأطفال، وأبواب المدارس، وذاكرة الوطن.

 

المرأة لم تنتظر أن تُمنح مساحة، بل خلقتها بنفسها، أعادت تنظيم المجتمع من الأسفل، من الحارات والأحياء، حيث يكون للسلام وجه حقيقي، وجه أرملة تعيل أسرة، وجه معلمة تزرع الأمل في جيل مرعوب، وجه ناشطة تحاول ترميم الصدع بين جارين فرقتهما الحرب.

 

وفي زمن ما بعد التحرير، أدركت النساء أن السلام ليس مجرد غياب الرصاص، بل حضور العدالة، والكرامة، والفرص المتساوية، ولهذا بدأن من التفاصيل التي لم يكن يدركن بأنها رموز حقيقية للسلام، مثل خبز الصباح، من حكايات المساء، من جلسات المصالحة، من مشاريع صغيرة تُحيي الاقتصاد وتعيد الثقة بالحياة.

 

وإلى جانب كل ذلك، أدركت النساء أهمية الصوت، ودخلن ساحات الإعلام والمجتمع المدني، وأخذن يكتبن، يتحدثن، يوثقن الحقيقة، ويرفضن تزييف الذاكرة، السلام بحاجة إلى رواية صادقة، والمرأة السورية باتت راوية وطنها، تحفظه من النسيان.

 

فالأمر الذي يجب عدم إهماله أن المرأة لمجرد وجودها في العمل هي تساهم وبشكل كبير بتعزيز السلام وإحلاله بأرضها فالسلام ليس فقط شعارات رنانة، بل زنود تعمل وفكر ينسج لمستقبل أجمل وحياة يسودها التعاون.

 

تقول الإعلامية سارة الأحمد حول هذا الأمر:” رأيي بالمرأة أنها المبادرة الأولى لصنع السلام ليس فقط على مستوى عائلتها كنموذج مصغر بل يتعداه إلى الوطن بأكمله وسوريا في الوقت الحالي بحاجة إلى جهود متفانية وجبارة لإرساء السلام ، تتمحور فكرة بناء السلام لدى المرأة من خلال نظرتها للأمور التي تحتاج إلى تروي وبعد نظر وحل سلمي بعيد عن التعصب والحرب والعداء إلى فكر مسالم يطرح المحبة كحل أساسي التي تعد ركيزة أساسية من ركيزات إحلال السلام إلى نبذ التطرف والعنف والبعد عن المشاكل والتعاون والتكاتف مع قريناتها لنشر مبدأ السلام في المجتمع كأن تكون مسالمة مع أطفالها ومع زميلاتها في العمل ومع الأصدقاء ومع من يعاديها وعدم الأخذ بمثل المعاملة بالمثل تكون معاملتها بالسلام مقابل العداء وتعليم مبادئ وأسس السلام لأطفالها وتكون نموذج وقدوة لهم في حال انتهجت هذا الأمر ستكون نموذج ومنارة لبقية النساء، ومن خلال تجربتي في الإعلام أيقنت بأن إحلال السلام يجب أن يكون مهمة لكل من دخل هذا المجال لأنها تعد الصوت المسموع والموثوق وممكن أن تحارب وينافسها البعض، لكن تعد منافسة شريفة وغير مؤذية لذلك قلب المفاهيم واستغلالها لتكوين ذاتها مهمة أساسية للمرأة في إرساء السلام”.

 

ورغم التحديات، لم تتوقف المرأة السورية عن الحلم، بل صارت الحلم نفسه، تمشي به إلى الأمام، وتصرّ أن يكون هذا الوطن قابلًا للحب مجددًا، فالسلام الذي لا يحمل بصمة النساء، يظل ناقصًا، هشًا، وعاجزًا عن الاستمرار، أما السلام الذي يولد من رحم امرأة موجوعة، فهو الأقرب إلى النجاة.

 

#مجلس_المرأة_السورية.

#هناء_الراعي.

#مقالة.

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى