العنف المبني على النوع الاجتماعي و أثره على المشاركة السياسية للمرأة.

عانت سورية لسنوات طويلة من تدهور حادّ في الأوضاع الإنسانية الاقتصادية الاجتماعية، والأمنية ساهمت في تفاقم المخاطر التي تواجه النساء والفتيات حيث تعرّضت النساء والفتيات في سورية لأشكال عديدة ومتزايدة من العنف المبني على النوع الاجتماعي … بما في ذلك العنف الجسدي والجنسي والاقتصادي.
أسهمت في ارتفاع حالات الزواج المبكر، والاعتداءات الجنسيّة، والقيود على حرّية التنقّل والتعليم للنساء والفتيات ونشدد على القيود المفروضة على حرية التنقل وحرية الاختيار.
هذا ومن جهة المشاركة السياسية، كانت نسبة النساء في مجلس الشعب والوزارات منخفضة، إذ مثلاً بلغت نسبة تمثيل النساء في مجلس الشعب نحو 11 % تقريبًا.
لنستعرض أشكال العنف المبني على النوع الاجتماعي وكيفية تأثيره المباشر والغير مباشر على المشاركة السياسية للنساء:
العنف الجنسي والجسدي:
احتُجزت نساء في مراكز الاعتقال كونهن نساء من ناحية ومعارضات من ناحية أخرى ، أو تحت سلطة جهات مسلحة، وتعرض البعض منهن لحالات اغتصاب أو تحرّش جنسي، والأغلبية لسوء معاملة جسدية، من جهة أخرى تعرضت النساء اللواتي شاركن في العمل العام أو في توثيق الانتهاكات لمخاطر الاعتقال والتعذيب والتحرش.
مثال: تقرير شبكة الصحفيّات السوريات يشير إلى تسجيل ما لا يقل عن 67 حادثة اعتداء أو تهديد ضد نساء ناشطات أو مراكز نسائية في مناطق تخضع لجهات مسلحة من مارس 2020 حتى مارس 2021.
حيث كانت تجتمع الأعراف التي تقصي المرأة مع التعسف و العنف السياسي لتحاسب المرأة كونها امرأة هذا النوع من العنف لا يظل محصورًا على المستوى الشخصي فحسب، بل يُستخدم كأداة تهديد وترهيب لمنع النساء من المشاركة في الفضاء العام أو السياسي، هذا يدلّ على أن المرأة التي تحاول المشاركة في العمل المدني أو السياسي تواجه خطر التعرّض للعنف أو التهديد، ما يقلّل من رغبتها أو قدرتها على الاستمرار و يعطي ذريعة للبيئة المجتمعية سواء كانت الأسرة او المجتمع لمنع النساء من العمل في الشأن العام و السياسي.
العنف الاقتصادي والاجتماعي والقيود المجتمعية:
تتعرض أغلبية النساء لعنف اقتصادي مثل حرمانهنّ من الموارد أو التعليم أو العمل، التعليم المحدود يمنع النساء من تطوير القدرات والمهارات التي تؤهّلهنّ للمشاركة السياسية (مثل الخطاب العام، التفاوض، القيادة). هذه القيود تؤثّر على الكفاءة والشعور بالتمكين لدى المرأة، وتزيد من الحواجز أمام مشاركتها السياسية
إضافة إلى ان العزلة العنف و الإقصاء المجتمعي القائم على النوع يضع المرأة في موقع يُبعِدها عن التمثيل أو التوظيف أو القرار، ما يجعل عدد النساء المتواجدات في الفضاءات السياسية قليلاً، وبالتالي تأثيرهنّ أقل. حتى الحالات التي تُعيّن فيها نساء كممثلات، غالبًا ما يكون دورهنّ شكلياً أو محدوداً، ولا يُتيح لهنّ فعلاً التصرّف أو التأثير، وهذا بدوره يُفقد النساء الثقة بأن المشاركة السياسية حقيقية أو مفيدة.
أما عن العوائق المؤسّساتية والاجتماعية في السياق السوري:
الأنظمة السلطوية: في عهد النظام السابق وما تلاه من صراعات سياسية، كان وجود النساء في مواقع القرار محدودًا، رغم بعض التعيينات الرمزية. كان تعيين النساء في المناصب السياسيةً غالبًا لإظهار صورة “تنوّع” أمام المجتمع الدولي بدل منحهن نفوذًا حقيقيًا.
المنظومة الاجتماعية والثقافية: المجتمع السوري، مثل الكثير من المجتمعات التقليدية، يمارس التمييز بين الجنسين فيما يخص الأدوار الاجتماعية، ويتم تحميل النساء مسؤوليات منزلية كبيرة أو يُتوقّع منهن أن يلتزمن بحدود معيّنة، ما يقلّل فرصهن في الانخراط في الشأن العام.
البيئة الأمنية والنزاع: النزاع المستمرّ أدى إلى تهجير داخلي، تدمير البنى التحتية، وغياب الأجهزة القضائية أو حماية الضحايا، ما يجعل العمل السياسي للنساء أكثر خطورة وأقل استقراراً.
غياب الآليات الاحترافية للتشبيك والدعم: رغم وجود جهات مدنية نسوية، إلا أن التنسيق والدعم الدوليين أو المحليين غالبًا ما تكون ضعيفة أو مقطوعة، ما يجعل النساء في السياسة بلا مظلة حماية أو موارد كافية.
توصيات لتعزيز مشاركة المرأة السياسية عبر معالجة العنف القائم على النوع:
تطوير برامج حماية قانونية واجتماعية للنساء العاملات في الشأن العام، لضمان أن نشاطهنّ السياسي ليس على حساب سلامتهن.
تعزيز الوعي المجتمعي بدور المرأة في السياسة وأهميته.
ضمان تمثيل نسائي حقيقي، وليس رمزيًّا فقط، في مواقع القرار والمناصب السياسية، مع تدريب وتأهيل ودعم للنساء القادرات على القيادة.
ربط الجهود السياسية للمرأة ببرامج لمكافحة العنف المبنيّ على النوع، بحيث يُنظر إلى تمكين المرأة سياسياً كجزء لا يتجزّأ من مكافحة العنف.
حشد الدعم المحلي والدولي للمنظمات النسوية والمبادرات النسائية التي تعمل في مجال الحوكمة والمشاركة السياسية، وتبني سياسات انتقالية تجعل النساء شريكات في صياغة المستقبل.
العمل على إصلاح البيئة القانونية والمؤسّساتية: سنّ قوانين تحمي النساء من العنف، وتكفل مشاركتهن السياسية بشكل فعلي، وتسهّل الوصول للموارد والتمويل للنساء في السياسة.
إن العمل على تفعيل دور المرأة السياسي هو عمل وطني و انساني غايته تفعيل دور جميع المواطنين في بناء سورية حيث ان بلد يقصي نسائه عن العمل السياسي و التمثيل العادل في الحكومة و مجلس الشعب لا يمكن ان يحقق العدالة و الديمقراطية و التطور.
ميساء علي الناطقة باسم مجلس المرأة السورية في اللاذقية
#مجلس المرأة السورية
#مقال
#ميساء علي



