رأي حر

المرأة السورية …….صانعة السلام في ظل الأزمات

المرأة السورية …….صانعة السلام في ظل الأزمات

شهدت سورية على مدى أكثر من عقد من الزمن صراعاً مريراً خلف دماراً هائلاً ونزوحاً جماعياً وتفككاً اجتماعياً، وعانت المرأة السورية تبعات الحرب ، ودفعت أثمانًا باهظة فقدًا وتهجيرًا ونزوحًا وفقرًا وعنفًا وانتهاكات مورست عليها ، وهو ما جعلها حريصة على العمل من أجل إيقاف الحرب وبناء السلام في سورية ، وبرزت المرأة السورية كفاعلة أساسية في جهود صناعة السلام وبناء المجتمع، متحديةً الصور النمطية والتحديات الهائلة.
ولعبت المرأة السورية دوراً بارز في تعزيز السلم الأهلي والمصالحة من خلال مشاركتها في الحياة السياسية والشأن العام وتشجيع الحوار البناء بين الجهات المتنازعة وتصميم استراتيجيات السلام ففي العديد من المناطق السورية، كانت النساء عناصر فاعلة في حل النزاعات على المستوى المحليـ نظراً لكونهن الأكثر تأثراً بالحرب (كلاجئات أو معيلات لأسر أو ضحايا للعنف)، طورن مهارات في الوساطة بين العائلات والمجتمعات المتنازعة، وفي مخيمات النزوح، على سبيل المثال، قادت نساء سوريات مبادرات لمصالحة بين العشائر أو الأطراف المتخاصمة، مستخدمات نفوذهن الاجتماعي لاحتواء العنف ، كما قدمت المرأة السورية مبادرات فعالة وابتكرن حلولاً للتعايش، سواء في المجال الاجتماعي أو السياسي، وأسهمن بشكل مباشر في إعادة بناء الثقة داخل مجتمعاتهن.
ولم تقتصر جهود النساء السوريات على صنع السلام السياسي فحسب، بل امتدت إلى تقديم الدعم النفسي والاجتماعي، وتنظيم حملات التوعية حول حقوق الإنسان، وإدارة المراكز التعليمية والصحية في المناطق المنكوبة ، وتوثيق انتهاكات حقوق الإنسان وخلق مساحات آمنة للنقاش حول مستقبل سورية .
واليوم وفي ظل الأوضاع الصعبة التي تشهدها سورية كم نحن بحاجة لمثل تلك المبادرات للمرأة وأن يبرز دورها الكبير في التخفيف من حدة الخطاب الطائفي وزرع المحبة والتسامح والدعوة إلى السلم الأهلي ودعم المصالحات الاجتماعية فالنساء السوريات يتبوأن مواقع قيادية في منظمات المجتمع المدني والمبادرات المحلية، مما يمكنهن من التأثير في تشكيل الرأي العام وتوجيهه نحو التسامح والتعايش السلمي ن أجل الوصول بسورية إلى قارب النجاة.
ولابد من التأكيد انه لا يمكن للسلم أن يستمر في ظل الفقر والبطالة وخطاب الكراهية والتهميش، لذلك من الضروري ترسيخ ثقافة الحوار والعدالة والمواطنة المتساوية، وتفعيل دور مؤسسات المجتمع المدني.
المرأة السورية لم تكن ضحية فحسب، بل كانت صانعة سلام، حارسة للتماسك الاجتماعي، وقائدة للتغيير، و إن تعزيز دورها ليس منة، بل استثمار في مستقبل مستقر لسورية، فبدون صوت النساء وإرادتهن، ستبقى أي جهود للسلام ناقصة وهشة، وإن عملية إحلال السلام في سورية لن تتم دون مشاركة حقيقية لكل السوريات، فهن الأقدر على الوصول إلى الأسرة والمجتمع، وهن الأقدر على التأثير في آلية تفكير الرجال ودفعهم باتجاه العمل الجدي لإحلال الأمن والسلام في البلاد.
ميس خليل

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى