حين تنطق الأمهات …يسكت الرصاص

حين تنطق الأمهات …يسكت الرصاص
لم تكن المرأة السورية يومًا هامشا، في كتاب الوطن، رغم ما عانته في سوريا من عقلية ذكورية قامعة لها، بل كانت قلبه النابض تنبض بالأمل وسط الخراب وتلملم الندوب في زمن التمزق.
وفي ظل الحرب التي أنهكت سوريا لأكثر من أربع عشرة عام، نهضت النساء من تحت ركام الألم لا كضحايا فقط، بل كصانعات للسلام ومؤسسات لحوار جديد رغم خسائرهن الكبيرة في هذه العقد من الزمن
لقد أدركت المرأة السورية، أن السلام لا يُمنح بل يُصنع وأن العدل لا يولد في غياب الصوت النسوي. لذلك، شاركت في المفاوضات، وناضلت في المنظمات المدنية، وأسست مبادرات مجتمعية هدفت إلى ترميم النسيج الاجتماعي، وإعادة بناء الثقة بين أطراف النزاع.
في المخيمات كانت المرأة طبيبة ومعلمة، وفي المدن كانت ناشطة ومحامية، وفي القرى كانت مرشدة وداعية إلى التسامح. وحين عجزت السياسة عن ترميم الصدع، كانت هي من مدّ خيوط الحوار بين الأحياء المتخاصمة وبين الطوائف المتنازعة، بل ودخلت المرأة في لجان فض النزاع والتدريبات الداعمة للسلام تقول المدربة والمديرة التنفيذية صفاء طه:” انطلاقا من إيماننا بأن المرأة قادرة على التغيير الإيجابي وقادرة على إحلال السلام، أصبح لابد من تمكينهن في هذا المجال وقمن بعدة جلسات وتدريبات تصب في هذا الصدد.”
وإن القيام بخطة ممنهجة في سوريا ولإنقاذها من الفتن لابد أن تواجهه عدة تحديثات تحدثنا صفاء طه عنها: “لكن العقبات لا تزال كثيرة، أبرزها غياب التمثيل الفعّال للنساء في مراكز صنع القرار، والتقاليد التي تقيد الأدوار النسائية، والعنف الممنهج ضد المرأة، سواء في زمن الحرب أو حتى في المرحلة الانتقالية
من هنا أستطيع القول بإن تمكين المرأة السورية في مرحلة ما بعد النزاع، وضمان مشاركتها في إعادة الإعمار وصياغة المستقبل، لا يعني فقط إنصافها، بل إنقاذ الوطن بأسره من إعادة إنتاج العنف والاقصاء.”
ورغم الإقصاء والتهميش، أثبتت التجربة السورية أن إشراك المرأة في مسارات السلام ليس ترفًا أو منة، بل ضرورة وطنية ملحة، فالمرأة التي دفعت أثمانًا مضاعفة من فقدان وتهجير وترمّل، هي الأقدر على فهم معنى الأمان، ومعنى أن يعود الوطن بيتًا للجميع.
ولعل المرأة السورية اليوم ليست مجرد شاهد على الحرب، بل شريكة في بناء السلام. هي ذاكرة الألم، وضمير العدالة، وصوت لا بد أن يُسمع في كل طاولة تفاوض، وكل مشروع وطن. فسلامٌ لا يحمل توقيع النساء… سلامٌ مؤقت، هشّ، ومعرّض للانكسار.
#هناء_الراعي.
#مقالة.